(مهما
كنت شغوفاً بالزواج قبل يوم الزفاف، عليك أن تعلم أن هناك شيئاً يمكن أن
يقلب زورق الحياة الزوجية على من فيه. فبعض الزيجات تعلن بذاتها عن فشلها
المحتوم، ابتداء من شهر العسل، وكثيراً ما يكتشف الزوجان لدى عودتهما إلى
البيت من رحلة العسل أن ما كانا يحلمان به ليس هو الواقع الآن).
بهذه المقدمة بدأت الكاتبة سوزان كوليليام رحلتها مع الأسرار السبعة للزواج الناجح.
ولأن
قلة من الناس يعيرون تلك الأسرار انتابهاً، فإن دراسة اجتماعية أمريكية
نشرت العام الماضي تقرع جرس الإنذار في غاية الخطورة.. تقول الدراسة إن
أكثر من نصف من تزوجوا في عام 2002م سينفصلون عن بعضهم خلال عشرة أعوام،
والكثير من تلك العلاقات ستنهار قبل ذلك بسنوات.
وإذا
كان نصف متزوجي 2002م سيطلقون بحلول 2012م، فإن النصف الآخر منهم قد لا
يكملون المشوار جميعاً، فالدراسات تتوقع أن ترتفع النسبة مع استمرار الوقت
إلى ما يربو على سبعين في المئة.
لذا،
سواء كنت عروساً في مقتبل العمر، يحمر خداك خجلاً لسيرة الزواج، أو كنت
أربعينية خاضت الزواج وعرفت معنى الطلاق وتستعد لتجربة جديدة، هل تعرفين
أسرار الزواج الناجح؟ تقول كويليام: إن أسهل طريقة لمعرفة تلك الأسرار هي
في تأمل ملامح العلاقات الزوجية الناجحة والمتميزة.
وهذا
بالضبط ما فعلته هذه الباحثة؛ إذ التقت عشرات الرجال والنساء ممن يعيشون
علاقات زوجية مزدهرة ومتوهجة وتعرفت إلى تجاربهم عبر الاستماع إليهم مباشرة
فخرجت بالتوصيات السبع الآتية:
أولاً: ضبط التوقعات:
الكثير
من الشبان والشابات يجتازون عتبة بيت الزوجية وهم يحملون توقعات بعيدة عن
الواقع، فإذا ارتبطت فتاة بشاب في فترة الدراسة الجامعية فليس مستبعداً أن
يكون أكثر ما أعجبها فيه هو معيشته المرتجلة والعفوية، وربما قلة اهتمامه
بمظهره وعدم اعتنائه بالجانب المادي بوصفه من شكليات الحياة، مقابل قيم
العاطفة والرفقة والنخوة.. إلخ. لكنك على الأغلب عندما تتزوجين ذلك الشاب
ستفكرين كثيراً بمدى قدرته على جلب المال وتأمين حياة مستقرة من الناحية
المادية وغير المادية.
ربما
تتعايشين معه كصعلوك لعام أو عامين بعد الزواج، لكن تجربة الزواج نفسه
ستنضج، وستتحولين إلى زوجة أكثر ما يهمها هو تأمين حياة كريمة ومستقرة لك
وله ولأطفالكما.
إحدى
دلالات الزواج الناجح تكمن في قيام الطرفين بفرد أوراقهما بالكامل على
طاولة التحاور قبل الزواج، عليه أن يتخلى عن عشوائيته وأن يتقمص، ولو لفترة
وجيزة، شخصية رجل ناضج، ليجيب عن أسئلة تتعلق بكيفية تأمين الحياة اليومية
للأسرة.. إلخ.
وإذا
ما أسفرت تلك الحوارات عن تصادم في التوقعات التي يحملها كل منهما، فإن
المزيد من التحاور كفيل بتقريب التوقعات، وخلق حالة من التفاهم البعيد
(الفنتازيا الرومانسية).
ثانياً: أين أنا؟
للزواج
عادة يخصم من فردية المرء لمصلحة الكيان المزدوج، وكثيراً ما تحل ال(نحن)
محل ال(أنا)، لكن الناجحين في حياتهم الزوجية يدركون أهمية أن يكون لل(أنا)
مكانها المحترم، فقبل الزواج عاش كل واحد لسنوات طويلة فرداً مستقلاً، وأي
كبح مفاجئ لتلك الفردية في بوتقة الزواج سيؤدي إلى أشواق مكبوتة للارتداد
بقوة نحو الذات، تتجسد بصورة غير رحيمة أحياناً.
من
الضروري أن يكون لكل طرف في الزواج علاقاته الخاصة، واهتماماته الخاصة،
وأوقاته الخاصة، وتأملاته الذاتية. وفي الوقت نفسه ضروري أن تكون لهما
حياتهما المشتركة، وعلاقاتهما المشتركة.. إلخ.
ثالثاً: لمن صدر البيت؟
من
الطبيعي في زخم الحياة أن يسهو المرء عن بعض صغائر الإيتيكيت، فقد تبدئين
في الأكل من دون أن تضعي له طعاماً في طبقه، وقد تمد يدكَ إلى طبق الفاكهة
من دون أن تقدم لها واحدة أولاً. لكن تكرار نسيان تلك الأمور سيؤدي إلى جعل
صورتكما أمام الآخرين تبدو غير جيدة، ولن يفسر الآخرون تلك التصرفات على
أنها نابعة من نسيان عابر، بل على أنها دليل على التجاهل وقلة الاحترام
والرغبة في التهميش. في الزواج الناجح يكون صدر الاهتمام مكرساً للطرف
الآخر دائماً.
رابعاً: فن التفاوض وفن حل المشكلات:
أمضى
الخبير النفسي الأمريكي جون غوتمان زهاء عشرين سنة في دراسة العلاقات
الزوجية، وتوصل إلى نتيجة حاسمة للغاية مفادها أن الفرق بين النجاح والفشل
هو نفسه الفرق بين القدرة وعدم القدرة على حل المشكلات الزوجية، ومن
البديهيات التي أشار إليها غووتمان في أحد أبحاثه، أن الشبان والشابات
المقبلين على الزواج يتوهمون أنهم متجهون إلى حياة ليس فيها عراك ولا
مشكلات.
وحتى
عندما يتحدث أحد عن ضرورة حدوث تلك المشكلات في الحياة الزوجية، فإن غير
المتزوجين يأخذون تلك الأحاديث بقليل من الجدية، ويستسهلون القول: إن كل
شيء سيكون محلولاً! غير أن الأمر البديهي هنا هو أن المشكلات لا بد من
وقوعها، اللهم إلا إذا كان الزوجان نسختين لروح واحدة، أو إذا كان أحدهما
شخصياً مسخاً أو غير موجود، كما أن من الصحي والضروري وجود المشكلات لأسباب
عديدة منها تأكيد الاختلاف والتحاور وإثراء التجربة، والأهم من ذلك هو
العثور على حلول لما يواجه الاثنين من معضلات موضوعية، تفرضها الوقائع
اليومية.
خامساً التماس العذر:
في
كثير من الحالات تنبع مشكلات لا داعي لها من مجرد رغبة دفينة في اختلاق
تلك المشكلات، وسر تلك الرغبة يكمن في مشاعر وهمية، كأن يعتقد أحد الطرفين
أن الآخر يتجاهله أو لا يحترمه، بينما يكون ذلك الحكم مرتكزاً على أعراض
غير حقيقية. مثال ذلك عندما تغتاظ المرأة من صمت زوجها، وهي تعلم أن الرجال
عموماً أقل كلاما من النساء. ويصح أيضاً أخذ الحالة المقابلة كمثال، حيث
يؤخذ على المرأة أنها كثيرة (النق) على التفاصيل، مع أن من المعروف لدى
الجميع اهتمام المرأة بالتفاصيل، ورغبتها الدائمة في إبداء الملاحظات
المباشرة.
سادساً: لا أقل من الجودة:
يقول
ديفيد هوكنر مؤلف كتاب (الرجال لا يفهمون لكنهم يستطيعون) إن العلاقات
الزوجية لم توجد لتكون متوسطة الجودة، إنما وجدت لتكون مثالية. ويوجه هوكنر
كلامه للمتزوجين، سواء كانوا من السعداء أو أنصاف السعداء، فيقول: (لا
تقبلوا بأقل من الجودة التامة)، ولكن كيف يمكن تحقيق الجودة في الزواج؟
هذا السؤال يقود إلى آخر: (هل الزواج الناجح مجرد قدر، أم هو نتاج عمل متواصل؟)..
يقول
هوكنر: إذا شعرت بأن علاقتك الزوجية تسير على غير ما يرام، فاعلم أنها
بالفعل تسير على غير ما يرام، ولا تحاول إقناع نفسك بأن أحاسيسك على خطأ،
بل حاول البحث عن طرق لتقويم حياتك الزوجية، ابتداء من نفسك، ومما تستطيع
تقديمه في هذا الاتجاه.
سابعاً: شجاعة الاعتراف:
تذكروا
دائما أن أقرب الطرق بين نقطتين هو الخط المستقيم. في بعض الأحيان ينفع
التحايل والالتفاف على الصدق، لكن ذلك ينجح لفترة محدودة، وعلى المدى
الطويل لا يصح إلا الصحيح. إن الخطأ من طبيعة البشر، وأشجع الخطائين هم
الذين يستطيعون الاعتراف بأخطائهم.